نسمع دائمًا أن النجاح يجلب السعادة، لكن الحقيقة أن كثيرين يشعرون بعد تحقيق أهدافهم بـ فراغ داخلي غير متوقع.
إنه الشعور الغامض الذي يصفه البعض بـ”اختفاء الشغف” — لحظة الوصول التي تتحوّل من انتصارٍ إلى صمتٍ داخلي ثقيل.
فما الذي يحدث نفسيًا بعد النجاح؟ ولماذا يخفت الحماس بدل أن يزداد؟
🧠 أولًا: الدماغ يتعامل مع النجاح كـ”مكافأة مؤقتة”
النجاح يفرز في الدماغ هرمونات مثل الدوبامين التي تمنح إحساسًا قويًا بالسعادة والتحفيز.
لكن هذه الهرمونات لا تدوم طويلًا — ومع الوقت، ينخفض تأثيرها ويعود الشعور بالفراغ.
باختصار، النجاح يرفعنا مؤقتًا… ثم يعيدنا إلى نقطة الصفر العاطفية إن لم نجد معنى جديدًا بعده.
🎯 ثانيًا: لأن الهدف انتهى
كثير من الناس يربطون سعادتهم بهدفٍ واحد: التخرج، الوظيفة، الزواج، الشهرة…
لكن عند الوصول، ينتهي “السباق”، ويكتشفون أن الطريق كان أجمل من الوصول.
حين يغيب الهدف، يفقد العقل الاتجاه، فيظهر ما يسمى بـ post-achievement void أو “فراغ ما بعد الإنجاز”.
💬 ثالثًا: النجاح يرفع التوقعات أكثر مما يحقق الراحة
بعد تحقيق إنجازٍ كبير، يبدأ الناس — والمجتمع — بوضع توقعات جديدة.
تصبح مطالبًا بالمزيد، ويبدأ الضغط الداخلي والخارجي بالارتفاع.
هذا التوتر المستمر يجعل النجاح يبدو وكأنه عبء بدل مكافأة.
🔍 رابعًا: لأننا نبحث عن التقدير لا عن المعنى
عندما يكون هدفنا الأساسي هو التصفيق أو الاعتراف الخارجي،
يصبح النجاح مؤقتًا لأننا ربطنا قيمتنا برأي الآخرين.
أما حين يكون الدافع الداخلي هو النمو الذاتي والمعنى الحقيقي، فإن الشغف يستمر حتى بعد الوصول.
🪞 خامسًا: غياب التجديد يطفئ الحماس
العقل البشري يحب التحديات الجديدة.
وعندما نصل لهدفٍ دون أن نبحث عن هدفٍ آخر، يشعر العقل بالملل والركود.
الشغف لا يختفي لأننا فشلنا… بل لأننا توقفنا عن التجدّد.
🌿 سادسًا: كيف تستعيد شغفك بعد النجاح؟
- احتفل بإنجازك دون تقليل من قيمته.
- ابدأ هدفًا جديدًا حتى لو صغيرًا.
- غيّر دافعك من “أريد أن أصل” إلى “أريد أن أتعلم”.
- اهتم بالرحلة أكثر من النتيجة.
- خذ فترات راحة واعادة تقييم لما تريده حقًا من حياتك.
الشغف ليس شعلة ثابتة، بل نار تحتاج إلى وقود جديد كل فترة.
إقرأ أيضا:فن الهدوء: كيف تتعامل مع التوتر بعقل بارد؟
✨ الخلاصة
اختفاء الشغف بعد النجاح ليس فشلًا، بل إشارة من النفس إلى أنك بحاجة لاتجاه جديد.
النجاح الحقيقي لا يعني الوصول إلى القمة، بل الاستمرار في الصعود بخطوات صغيرة مليئة بالمعنى.
حين تجعل رحلتك أهم من نتيجتك، ستكتشف أن الشغف لا يختفي… بل يتجدد مع كل هدف جديد.
