عربي

الناجون من الإبادة في غزة… من يعيد إعمار نفوسهم؟

بعد شهور طويلة من القصف والدمار والحصار، خرج بعض الغزيين من بين الركام أحياء، لكن ما تبقّى في داخلهم ليس حياة بالمعنى الكامل.
الناجون من الإبادة لا يعيشون مجرّد فقدانٍ للمأوى أو الطعام، بل فقدانًا عميقًا للنفس، للأمان، وللثقة في أن الغد يمكن أن يكون أفضل.


💔 جراح لا تُرى

في غزة، لم تكن الحرب فقط على الحجر، بل على الإنسان من الداخل.
الناجون يعيشون اليوم صدمة متواصلة، تتجسّد في الخوف الدائم من صوتٍ مفاجئ، أو في ذكرى لحظةٍ كانوا فيها على وشك الفقد.
يقول أحدهم: “كلّما سكتت الطائرات، أشعر أن الهدوء مجرد فخّ قبل جولة جديدة.”

هذه الحالة تُعرف نفسيًا باسم “صدمة ما بعد الكارثة”، وهي من أخطر أنواع الاضطرابات النفسية التي تترك آثارها لأعوام طويلة، خصوصًا عند الأطفال الذين فقدوا عائلاتهم.


🧠 الإعمار الحقيقي يبدأ من الداخل

إعادة بناء البيوت ممكنة بالإسمنت والحديد، لكن إعادة بناء النفوس تحتاج إلى ما هو أعمق:

  • علاج نفسي منظم للناجين.
  • دعم اجتماعي طويل الأمد.
  • برامج موجهة للأطفال تساعدهم على تجاوز مشاهد الرعب التي عاشوها.

الإنسان الغزي اليوم لا يحتاج فقط إلى طعام وماء، بل إلى حضنٍ نفسي يُعيد إليه الإحساس بالحياة بعد كل ما رآه.

إقرأ أيضا:أمير قطر يدعو لدعم شامل للشعب الفلسطيني ومعالجة آثار العدوان الإسرائيلي على غزة

🌍 العالم يَعِد بالإعمار… لكن من يعيد الإنسان؟

منذ انتهاء جولات القتال، تتسابق الدول والهيئات للإعلان عن مشاريع إعادة الإعمار، لكن قليلًا من هذه الجهود يركّز على الجانب النفسي والإنساني.
فالمنازل يمكن أن تُبنى خلال أشهر، لكن الطفل الذي فقد عائلته يحتاج سنوات ليشعر بالأمان مجددًا.

أين هي البرامج الدولية التي تتعامل مع الألم البشري؟
أين هي المبادرات التي تعيد الحياة للقلوب المرهقة قبل الجدران؟


🌿 أمل رغم الركام

رغم كل شيء، يظل في غزة ما يستحق الحياة.
ابتسامة طفلٍ وجد لعبة بين الركام، أو أمّ تُعدّ وجبة بسيطة لأطفالها رغم الانقطاع، كلها شواهد على أن الإنسان في غزة لا يُهزم بسهولة.
الإعمار الحقيقي يبدأ من هذه الروح التي ترفض الموت رغم الألم، ومن تلك القدرة على التمسك بالأمل ولو بخيطٍ رفيع.

إقرأ أيضا:“أونروا”: 75 ألف نازح يحتمون داخل أكثر من 100 مبنى متضرر في غزة

✨ الخلاصة

الإبادة لم تنتهِ بخروج الناجين، بل بدأت رحلة جديدة اسمها البقاء النفسي.
ما لم يُعمّر الداخل، لن يكون للخرسانة معنى.
إنّ إعادة إعمار غزة لا تكتمل إلا بإعادة بناء ما تهدّم في النفوس — سلام داخلي، دعم إنساني، وأمل حقيقي.

السابق
شهيدان وسبعة جرحى في غارات إسرائيلية جديدة على جنوب لبنان
التالي
“فاو” تحذر من كارثة إنسانية وزراعية غير مسبوقة في قطاع غزة

اترك تعليقاً